كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٢١
الدعم فلم يدعموا، واستحموا فلم يحمهم أحد، وبينوا الحق وطلبوا من المسلمين اتباعه، فأعرض المسلمون عنهم وهذا قمة ما هو مطلوب من الإمام، فالإمام ملزم ببذل عناية لا بتحقيق غاية، مكلف بأن يبين الحق ويقيم الحجة على الناس، لكنه ليس مكلفا بأن يجبر الناس إجبارا على اتباع الحق.
ويبدو مؤكدا أن الإمام الحسين قد اجتمع في مكة مع عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب (1) وقد حببا إليه البقاء والعودة معهما إلى المدينة، وخوفاه من سيف يزيد بن معاوية وجنده، وقال له ابن عمر: " ارجع إلى المدينة وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا " فقال له الإمام الحسين: " هيهات يا ابن عمر إن القوم لا يتركوني إن أصابوني، وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره أو يقتلونني ". وقال له الإمام الحسين أيضا: " إتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي ".
ثم أقبل الإمام الحسين على عبد الله بن العباس فقال: " يا ابن عباس! إنك ابن عم والدي.... فإني مستوطن بهذا الحرم ومقيم فيه أبدا ما رأيت أهله يحبوني وينصروني فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم... واستعصمت بالكلمة التي قالها إبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل، فبكى ابن عمر وابن عباس بكاء شديدا والحسين يبكي معهما ساعة ثم ودعهما وعاد ابن عمر وابن عباس إلى المدينة " (2).
ويبدو واضحا أن الإمام قد قابل عبد الله بن الزبير، ويبدو واضحا أن ابن الزبير قد شجع الإمام على الخروج من مكة إلى الكوفة، ومن المؤكد أن الإمام يعرف ابن الزبير ومطامعه بدليل قول الإمام: " ها إن هذا ليس شيئا يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق، وقد علم أنه ليس له من الأمر

(١) راجع تاريخ ابن عساكر ح ٦٤٥ و ٦٤٦ وتهذيبه ج ٤ ص ٣٢٩ وأنساب الأشراف ح ٢١ ص ١٦٣ ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٩٢ - ١٩٣ والفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ٤٢ - ٤٣ ومثير الأحزان ص ٢٩ وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١٦.
(٢) راجع الفتوح ج ٥ ص ٢٦ ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٩ ومثير الأحزان ص ٤١ والموسوعة ص 206 - 209.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327