كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢١٨
فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين... " (1).
ثم إن الإمام الحسين قد أجرى حوارا موسعا مع أخيه محمد بن الحنفية، وأذن له بالبقاء في المدينة، وشاع بين سكان أهل المدينة أن الإمام قد كتب وصيته وسلمها لمحمد بن الحنفية، فمن الطبيعي أن يسأل أهل المدينة ابن الحنفية عما جرى وعن مضمون الوصية، بل ومن الطبيعي أن يسأله أمير المدينة وأركان إمارته أن يبعثوا ليزيد بن معاوية بكل ما سمعوه من أخبار الإمام الحسين. ولم يخرج الإمام الحسين من المدينة إلا بعد ما أقام الحجة كاملة على أهلها، وبعد ما يئس من نصرتهم له، ولو كان عند الإمام الحسين أي أمل بنصرة أهل المدينة وحمايتهم له ولأهل بيته لما خرج منها، ولقد عبر الإمام عن شعوره بالمرارة وخيبة الأمل فيهم، وعن غضبه منهم بأكثر من مناسبة، فقد شكا أمام قبر جده قائلا: " أنا فرخك وابن فرختك، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيعوني، وأنهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتى ألقاك " (2) ومثل قول الإمام: "... وقد سمعت رسول الله يقول الخلافة محرمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه، فوالله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به، فابتلاهم الله بابنه يزيد زاده الله في النار عذابا " (3).
ومثل قوم الإمام مناجيا رسول الله أمام قبره الشريف: " لقد خرجت من جوارك كرها، وفرق بيني وبينك حيث إني لم أبايع ليزيد بن معاوية، شارب الخمور، وراكب الفجور، وها أنا خارج من جوارك على الكراهة فعليك مني السلام " (4). وغاية الإمام الحسين من الخروج منصبة على البحث عن مأوى آمن

(١) بحار الأنوار ج ٤٤ ص ٢٢٩، والمناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 89 والعوالم ج 17 ص 179.
(2) راجع الفتوح ج 5 ص 19 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 186 والعوالم ج 17 ص 177.
(3) الفتوح لابن أعثم ج 5 ص 17 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 184 والموسوعة ص 285.
(4) المنتخب للطريحي ص 410 وناسخ التواريخ ج 2 ص 14، وينابيع المودة ص 401 والموسوعة ص 288.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327