لمدعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها من غضبه؟! أتئن من الأذى، ولا أئن من لظى ". (1) وفي نهج البلاغة: " والله، لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني، واتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له:
ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى. (2) " وفي نقل شرح الأخبار: فعرض عليه ما عنده فلم يقبضه، وقال: أعطني ما في يديك من مال المسلمين.
فقال له: " أما هذا فما إليه من سبيل، ولكني أكتب لك إلى مالي بينبع فتأخذ منه ".
قال: ما يرضيني من ذلك شيئا. (3) وفي المشهور أنه قال: " اصبر حتى يخرج عطائي فأعطيك ".
وقال السيد في الدرجات الرفيعة: فروى أن عليا (عليه السلام) كان يعطيه في كل يوم ما يقوته وعياله، فطلب أولاده منه مريسا (4)، فجعل يأخذ كل يوم من الشعير الذي يعطيه أخوه قليلا ويعزله، حتى اجتمع مقدار ما جعل بعضه في التمر وبعضه في السمن وخبز بعضه، وصنع لعياله مريسا، فلم تطب نفوسهم بأكله دون أن يحضر أمير المؤمنين، ويأكل منه فذهب إليه والتمس منه أن يأتي منزله فأتاه، فلما قدم المريس بين يديه سأله عنه، فحكى له كيف صنع، فقال (عليه السلام):