من ضياعه أخذ قوته لنفسه وقوت عياله وأمهات أولاده، وأعطى الحسن والحسين قوتهما، وأعطاني قوتي، وأعطى من بلغ من ولده، وأعطى عقيل وولده، وولد جعفر وأم هانئ وولدها، وأعطى جميع ولد عبد المطلب... الحديث. (1) وعن أسماء بنت عميس، قالت: حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب، قالت:
كان علي من أجود الناس، لقد كان أبوه يوجه معه باللطف إلى بعض أهله، فيقول: يا أبة، هذا قليل فزده. ثم يأتي أمه فاطمة بنت أسد، فيقول: يا أمه زيدي عليه من نصيبي! فتفعل، ولقد كان يدفع إليه وإلى عقيل الشيء يسوى بينهما، فيميل عقيل عليه، ويقول له: أعطيت أنت أكثر مما أعطيت أنا! فيضعه [على نصيبه] بين يديه، ويقول له: " خذ منه ما تريد ". (2) هذا الحديث يفيد إيثار علي (عليه السلام) على عقيل من نصيبه، وهو طفل أو مراهق، فكيف إذا كان له (عليه السلام) مال وضياع وعقار وغلات.
هذا وفي كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) على إملاق عقيل وفقره وإظهاره الفقر والبؤس عند أمير المؤمنين (عليه السلام).
قال (عليه السلام): " والله، لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعه، وعاودني في عشر وسق من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيامه خامصا ما استطاعه، ورأيت أطفاله شعث الألوان من ضرهم، كأنما اشمأزت وجوههم من قرهم، فلما عاودني في قوله وكرره أصغيت إليه سمعي، فغره وظنني أوتغ ديني، فاتبع ما سره أحميت له حديدة لينزجر إذ لا يستطيع منها دنوا ولا يصبر، ثم أدنيتها من جسمه فضج من ألمه ضجيج ذي دنف يئن من سقمه، وكاد يسبني سفها من كظمه، ولحرقة في لظى أضنى له من عدمه، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها