فلما أتت على مسلم ثماني عشرة سنة - وقد مات عقيل أبوه - قال لمعاوية:
يا أمير المؤمنين، إن لي أرضا بمكان كذا من المدنية، وإني أعطيت بها مئة ألف، وقد أحببت أن أبيعك إياها، فادفع إلي ثمنها.
فأمر معاوية بقبض الأرض، ودفع الثمن إليه، فبلغ ذلك الحسين (عليه السلام)، فكتب إلى معاوية:
" أما بعد، فإنك غررت غلاما من بني هاشم، فابتعت منه أرضا لا يملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه، واردد علينا أرضنا ".
فبعث معاوية إلى مسلم، فأخبره ذلك، واقرأه كتاب الحسين (عليه السلام)، وقال: أردد علينا مالنا، وخذ أرضك، فإنك بعت ما لا تملك.
فقال مسلم: أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا.
فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه، فقال يا بني، هذا والله، كلام قاله لي أبوك حين ابتعت له أمك، ثم كتب إلى الحسين (عليه السلام): إني قد رددت عليكم الأرض، وسوغت مسلما ما أخذ.
فقال الحسين (عليه السلام): " أبيتم يا آل أبي سفيان إلا كرما! ". (1) أقول: كتب حول هذه القصة العلامة المفضال المتتبع المحقق جعفر مرتضى العاملي - حفظه الله تعالى - مقالا ممتعا، ونحن نلخص منه ما يلي قال:
ونحن نرى أن هذه الرواية لا يمكن أن تصح لأنه:
طلب معاوية لهذا على خلاف العادة المألوفة، وطلب الشيخ منه ذلك مع طعنه في السن جدا لا ينسجم، فإن عقيلا حينئذ قد ناهز الثمانين، بل أكثر أن