فقد بلغ مولاك كلامك لعدو الله وعدو رسوله، فحمدت الله على ذلك، وسألته أن يفيء بك إلى الدرجة العليا، والقضيب الأحمر، والعمود الأسود، فإنه عمود من فارقه فارق الدين الأزهر، ولئن نزعت بك نفسك إلى معاوية طلبا لماله إنك لذو علم بجميع خصاله، فاحذر أن تعلق بك ناره فيضلك عن الحجة، فإن الله قد رفع عنكم أهل البيت ما وضعه في غيركم، فما كان من فضل أو إحسان فيكم وصل إلينا، فأجل الله أقداركم، وحمى أخطاركم، وكتب آثاركم، فإن أقداركم مرضية، وأخطاركم محمية، وآثاركم بدرية، وأنتم سلم الله إلى خلقه ووسيلته إلى طرقه، أيد علية ووجوه جلية، وأنتم كما قال الشاعر:
فما كان من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلا وشيجه * وتغرس إلا في منابتها النخل (1) 13. إن معاوية أعطى عقيلا جملة دراهم ليصعد المنبر ويلعن عليا، فصعد، وقال: إن معاوية أمرني أن ألعن عليا فالعنوه.
فقال: أخذت مالي ولعنتني؟
قال: فاستر لئلا ينكشف للناس. (2) 14. أذن معاوية لعقيل فدخل عليه، فقال عقيل: يا معاوية من هذا معك؟ قال:
الضحاك بن قيس.
فقال: الحمد لله الذي رفع الخسيسة وتمم النقيصة، هذا الذي كان أبوه يخصي بهمنا بالأبطح لقد كان بخصائها رفيقا.
فقال الضحاك: إني لعالم بمحاسن قريش، وإن عقيلا عالم بمساوئها. (3) 15. لما قدم عقيل بن أبي طالب على معاوية، أكرمه وقربه وقضى حوائجه وقضى عنه