الاستئصال، ما دام فيهم أهل البيت، فهم الشموع المنيرة في الظلمات، والحصون التي يركن إليها في الملمات يجيرون كل من لاذ بحماهم، ويكرمون كل من نزل بساحتهم، وقد جاء في تفسير القرطبي عن ابن عباس انه قال: (لم يعذب أهل قرية حتى يخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم منها والمؤمنون، ويلحقوا بحيث أمروا)، فإذا كان وجود المؤمنين بقرية ما سبب رحمة لها، فكيف بوجود أهل البيت، وهم من خاصة المؤمنين وخيارهم، وأقربهم إلى الله ورسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم، فيما يروى الطبراني وأبو يعلى من حديث سلمة ابن الأكوع، (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لامتي).
هذا وقد أجمع المسلمون على أن الامامين الحسن والحسين، أبناء السيدة فاطمة من الإمام علي، وذريتهما، رضي الله عنهم أجمعين، انما هم، كما يقول ابن قيم الجوزية في جلاء الافهام، ذرية النبي صلى الله عليه وسلم المطلوب لهم من الله الصلاة وذلك لان أحدا من بناته لم يعقب غيرها، فمن انتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد بناته انما هم من أولاد السيدة فاطمة الزهراء، وهكذا أكرم الله تعالى الزهراء، عليها السلام، بان حفظ ذرية نبيه صلى الله عليه وسلم في ذريتها، وأبقى عقبه في عقبها، فهي وحدها دون بناته وبنيه، أم السلالة الطاهرة، والعترة الخيرة، والصفوة المختارة من عباد الله من أمته صلى الله عليه وسلم، ذلك لان أبناء النبي الذكور ماتوا جميعا، وهم أطفال لم يشبوا عن الطوق، ولم يبلغوا الحلم بعد، واما بناته صلى الله عليه وسلم فلم يتركن وراءهن أطفالا، ما عدا السيدة زينب، رضي الله عنها، التي لم تنجب سوى علي الذي مات صغيرا، وامامة التي تزوجها الإمام علي بعد الزهراء، بوصية منها، ولكنها لم تنجب له أولادا، ولم يبق من بناته الطاهرات غير الزهراء البتول، قد أنجبت من الإمام علي ، الحسن والحسين (ومحسن الذي مات صغيرا) وأم كلثوم وزينب الكبرى، الشهيرة بعقيلة بني هاشم، رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الا من الزهراء، وأعظم بها مفخرة، وهكذا كان من ذرية الزهراء، من أبناء الحسن والحسين، جميع السادة الاشراف، ذرية سيدنا ومولانا وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.