وهكذا تأدبت الزهراء بأدب أبيها النبي الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه ومن ثم فقد كانت سيدتنا فاطمة الزهراء، المثل الاعلى من الخلق الكريم، والطبع السليم، وقد عنى بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عناية تامة، فكان يثقفها ثقافة اسلامية، ويروضها على الهدى النبوي والصراط المستقيم، ومن ثم فقد نشأت الزهراء نشاة كانت المثل الاعلى من الكمال والجلال فهي انما تمثل أشرف ما في المرأة من انسانية وكرامة وعفة وقداسة ورعاية إلى ما كانت عليه من ذكاء وقاد، وفطنة حادة، وعلم واسع، وكفاها فخرا انها تربت في مدرسة النبوة، وتخرجت في معهد الرسالة، وتلفت عن أبيها الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ما تلقاه عن رب العالمين.
ومن البدهي ان الزهراء تعلمت في دار أبويها، ما لم تتعلمه طفلة غيرها في مكة، بل وفي الدنيا كلها، وصدقت أم المؤمنين أم سلمة، رضي الله عنها، حيث تقول (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوض امر ابنته إلي فكنت أؤدبها وأدلها، وكانت والله آدب مني واعرف بالأشياء كلها.
أو ليست هي - يا أم المؤمنين - بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليست هي أم أبيها كما كان يسميها سيد المرسلين أو ليست هي التي اصطفاها الله لتكون التيار الذي يحمل نور النبي صلى الله عليه وسلم عبر أسلاك الزمن، ولتضاء البشرية بعد ذلك من هذا النور الفياض وصدق الأستاذ العقاد حيث يقول: (في كل دين صورة للأنوثة الكاملة المقدسة، يتخشع في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الاسلام لاجرم، تتقدس صورة فاطمة البتول.
وكانت الزهراء عليها السلام - فيما تروي كتب السيرة - أشبه الناس بأبيها سيد الأنبياء والمرسلين وكانت السيدة خديجة، رضي الله عنها، ترى في هذا الشبه بركة من بركات الله عليها وعلي آل البيت الكرام، وقد اخرج الترمذي بسنده عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحد أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها، من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها