وبدهي أنه لا غرابة في ذلك، فأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم - كما قيل فيهم - هم عيش العلم وموت الجهل، يخبرك حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق، ولا يختلفون فيه، هم دعائم الاسلام وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق في نصابه وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين، عقل وعاية ورعاية، لاعقل سماع ورواية، فان رواة، العلم كثير، ووعاته قليل.
وأهل البيت - بيت النبي صلى الله عليه وسلم - انما هم شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومنبع الرحمة، ومعدن العلم، وينابيع الحكمة، وكنوز الرحمن، ناصرهم ومحبهم ينتظر رحمة الله ونفحاته، ومبغضهم يستقبل نقمة الله وسطوته، بهم هدايتنا من الظلماء، وهم سر جدهم المصطفى، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. هذا وقد حاولنا في هذا الجزء من هذه الدراسة، ان نحدد من هم أهل البيت النبوي الشريف؟ فتناقشنا الآراء المختلفة التي دارت حول هذا التحديد، وارتضينا - عن اقتناع وايمان - أن أهل البيت انما هم سادتنا الخمسة الكرام البرزة:
سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن، والحسين، عليهم السلام، قال بذلك كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفيف من أهل الحديث والتفسير، فمن الصحابة أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وأم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة وابن أبي سلمة، ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وسعد وغيرهم، وقال به الكثيرون من أهل التفسير والحديث، قال به الفخر الرازي في التفسير الكبير والزمخشري في الكشاف والقرطبي في الجامع لاحكام القرآن، والشوكاني في فتح القدير، والطبري في جامع البيان عن تأويل اي القرآن، والسيوطي في الدر المنثور، وقال به الإمام أحمد في المسند وابن حجر العسقلاني في الإصابة والحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه.
وقد قدمنا الكثير من الأدلة على ذلك من الحديث الشريف ومن كتب التفسير، ومن أقوال أهل البيت الكرام البرزة، والحق ان لفظ (أهل البيت) إذا أطلق انما ينصرف إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، عليهم السلام، وذريتهم،