والمسلمون اليوم لا يتنازعون سلطة كما كان الأقدمون منهم يتنازعون من أجل السلطة. وإنما يتنازع غيرهم السلطة عليهم.
وهم اليوم لا يتقاسمون القوة وإنما يتقاسمون الضعف المادي، في حين يختزنون القيم العليا للتقدم، والقوى التي تحصى وتعد. فحيثما ابتغوا الوسيلة وجدوا نصر الله.
ويوم توجد فينا إرادة الانتصار سننتصر.
والله متم نوره.
* * * حياة الامام تنقسم في ترجمتها قسمين: الأول عن الرجل، والثاني عن علمه. وعلى ذلك وردت الصورة التي صورنا فيها هذه الحياة في قسمين. كل منهما في ثلاثة أبواب.
القسم الأول: يدور حول ظهور الإسلام وتألق " علي " وأولاده من " فاطمة الزهراء " في الصدارة من الأشخاص والأحداث، والبيئة التي نتج فيها الإمام الصادق. فتعاونت على إعداده ظروف الوفاء، أو العداء، لأهل البيت، لتهئ منه إماما خصيصته تعليم العلم الذي تلقاه عن جديه، وطريقته الأسوة الحسنة في أعمال حياته، وتحمل التبعات حيث تزوغ الأبصار.
والقسم الثاني: من الكتاب يعرض تصور المؤلف للعم الذي علمه الإمام، والمدرسة التي أنتجته، والمنهج العلمي، العالمي، الذي أخذ به العلماء الدينيون والفقهيون، والرياضيون والفلكيون والكيمائيون وعلماء الطبيعة الإسلاميون، ونقله عنهم رياضيو العصور الوسيطة في أوربة، ليصير " منهج التجربة والاستخلاص " الذي يعمل به الفكر المعاصر، بعد إذ ترجم من العربية في جنوب فرنسا وإسبانيا وصقلية وسواها من جامعات أو روبة، وسبق إلى التنويه به " روجير بيكون " ثم نسب إلى " فرنسيس بيكون " بعد ثلاثة قرون - وكذلك المنهج السياسي