أرساها. فالمواقف أعمال. وهي أعلى صوتا من الأقوال. ولقد يعدل الموقف الواحد جهاد عمر كامل، أو مهمة حياة رجل.
وهو، بمكانه من " أهل البيت "، وحقه في الخلافة، وإمامته للفقهاء بلا استثناء، كان غرضا يطلبه أعظم خلفاء بنى العباس ليضيفه إلى قوائم القتلى من صناديد القواد، أو الشهداء من " أهل البيت ".
وكان درسا من السماء أن يسيطر الإمام على الميزان إذ يلتقيان، فيضعف الطالب عن المطلوب، ويرتفع الإمام الصادق بالخليفة القاتل إلى مستوى الحاكم العادل.
* * * والمستقبليون الذين يتكلمون اليوم عن الأخذ بأسباب النهضة العلمية، كمثل السياسيين الذين لا يرون النهضة بالغة شأوها إلا أن تكون شاملة لأمور الدين والدنيا - هؤلاء وأولاء، بحاجة إلى أن يظهروا على حياة الإمام الصادق، ليروا مقدار ما تفلح الدعوة الصادقة بالمبادئ الصحيحة، والخطط المنجحة، في إقامة دول، ومجتمعات، قوامها الدين والعلم والعدل والاقتصاد العصري.
وكمثلهم دعاة الإصلاح الذين يمثلهم الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر في النصف الأول من هذا القرن عندما قال: " إن الأمم ليست بكثرة أفرادها وعديدها ولكن بروحها وإيمانها وخلقها. ولعمري إن سبيل ذلك لهو العلم " - وقال " إن كل إصلاح لا يقوم على أساس تقوية الروح الديني في الأمة لا بقاء له. ولا خير فيه. وإذا قلت الروح الديني فإنما أريد الأخذ العملي بالشريعة عن إيمان وثقة. لا أن نكتفي بما ينص عليه الدستور من أن دين الدولة هو الإسلام. ثم نكون في أكثر أحوالنا تشريعاتنا و أخلاقنا على خلاف ما يأمر به الإسلام وينهى عنه الإسلام ".
والله نحمد: لقد غيرت مصر في سنة 1971 دستورها الذي أشار