فراقه خمسة وخمسون سنة فخشعت اجلالا لمقامه، ودهشت هيبة له، ولا غرابة فلو كان المترجم له غيره لهان الأمر، ولكن كيف بي وهو من أولئك الأبطال غير المحدودة حياتهم وأعمالهم فمن الصعب جدا أن يتحمل المؤرخ الأمين وزر الحديث عنها، ولا أرى مبررا في موقفي هذا سوى الاعتراف بالقصور عن تأدية حقه..) (1) وإن تأثر هؤلاء الأفذاذ به وبهذا المقدار الكبير من التأثر لم يكن عن عاطفة جوفاء وصداقة عابرة، بل لهم الحق في ذلك، لأنه أعطاهم كل وقته، ولم يترك شيئا لنفسه دونهم بل فضلهم على نفسه وقدمهم على شخصه مع مقامه العلمي ووجاهته الاجتماعية.
وتميز بمنهج علمي سوف نستعرضه عند الحديث عن المنهج العلمي عند القمي إن شاء الله تعالى.
توفي في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الثانية سنة 1320 ه ودفن في الصحن العلوي الشريف وكان لجثمانه كرامة منقولة في المصادر التي ترجمت له.
حبه للعلم:
امتازت مدرسة النوري (الأستاذ وتلاميذه كالشيخ القمي والشيخ الطهراني) بحب العلم وزقه إلى درجة الثمالة، وقد نقلت عن كل واحد منهم قصص تثير الاعجاب والتقدير.
وقد انصرف القمي - كباقي أفراد هذه المدرسة المحترمة - إلى العلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما إلى ذلك، قال زميله الطهراني: (وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ، ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل...) (2).
وقال نجله الشيخ علي محدث زادة ما تعريبه: (... وكان والدي دائم الاشتغال