وكانت لشخصية الأستاذ القوية ومنهجه الإيماني القويم وجاذبيته الشخصية والمدرسية جذبت أولئك التلاميذ الأفذاذ وخرجت علماء يبقى الزمن يفتخر بهم ويبقى اتباع مذهب الحق يتباهون بوجود أمثالهم كالشيخ القمي والشيخ الطهراني صاحب موسوعة الذريعة وغيرها.
وعرف عنه شغفه بجمع الكتب لا سيما القديمة منها والأصول وقد جمع مكتبة من نفائس الكتب والمخطوطات ندرت أن تجتمع عند غيره وقد حصل على بعض الأصول التي لم يحصل عليها غيره حتى الشيخ المجلسي (قدس سره) والحر العاملي (قدس سره) (1).
وله في تحصيل الكتب النادرة حالات أبهرت معاصريه وكان يبذل الكثير من أجلها وقد نقلت عنه عدة حكايات غريبة تعكس ذلك، منها ما نقله تلميذه الطهراني حيث قال: (مر ذات يوم في السوق فرأى أصلا من الأصول الأربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع، ولم يكن معه شئ من المال، فباع بعض ما عليه من الألبسة واشترى الكتاب...) (2).
وله مؤلفات كثيرة تدل على تتبعه واحاطته بالأخبار مما يندر في أحد غيره بعد المجلسي (رحمه الله) من أشهرها مستدرك الوسائل، والنجم الثاقب، ودار السلام وجنة المأوى والصحيفة السجادية الرابعة والصحيفة العلوية الثانية والفيض القدسي في أحوال المجلسي، وكشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار والكلمة الطيبة ونفس الرحمان في فضائل سيدنا سلمان وغيرها.
وقد وهب حب طلابه له حبا كبيرا قلما نجده بين الأستاذ وتلاميذه، وبمراجعة سريعة إلى ما كتبه الشيخ القمي عن أستاذه تجد مصداق ذلك، وهكذا فيما كتبه تلميذه الآخر الشيخ الطهراني عندما أراد أن يكتب ترجمة لأستاذه:
(ارتعش القلم بيدي عندما كتبت هذا الاسم، واستوقفني الفكر عندما رأيت نفسي عازما على ترجمة أستاذي النوري، وتمثل لي بهيئته المعهودة بعد إن مضى على