المؤمنين أن أتبرك بذكر عدة فقرات من إحدى خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الشريفة:
قال:
" احذروا هذه الدنيا الخداعة الغدارة التي قد تزينت بحليها، وفتنت بغرورها، وعزت بآمالها، وتشوفت لخطابها، فأصبحت كالعروس المجلوة والعيون إليها ناظرة والنفوس بها مشغوفة، والقلوب إليها تائقة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة.
فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخر بسوء أثرها على الأول مزدجر " (1).
إلى أن قال (عليه السلام):
" ومما يدلك على دناءة الدنيا ان الله جل ثناؤه زواها عن أوليائه وأحبائه نظرا واختيارا، وبسطها لأعدائه فتنة واختبارا.
فأكرم محمدا نبيه (صلى الله عليه وآله) حين عصب على بطنه من الجوع.
وحماها موسى نجيه المكلم، وكانت ترى خضرة البقل من صفاق بطنه من الهزال " (2).
وساق (عليه السلام) الكلام في زهد الأنبياء (عليهم السلام) وتنزههم عنها وانهم:
" أنزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لأحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها، وأكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس، وامسك الروح، وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها، فكل من مر بها أمسك على فيه، فهم يتبلغون بأدنى البلاغ ولا ينتهون إلى الشبع من النتن ويتعجبون من الممتلي منها شبعا، والراضي بها نصيبا.
إخواني والله لهي في العاجلة والآجلة لمن ناصح نفسه في النظر، وأخلص لها الفكر أنتن من الجيفة، وأكره من الميتة، غير أن الذي نشأ في دباغ الإهاب لا يجد نتنه، ولا يؤذيه رائحته ما تؤذي المار به، والجالس عنده " (3).