وبالجملة فمع هذه الجلالة والشجاعة والشدة والشوكة يصل به حسن خلقه إلى أن يهينه رجل سوقي ويستهزئ به، فلا يظهر في حاله أي تغيير وتبدل، بل يذهب إلى المسجد ويصلي، ويدعو ويستغفر له.
وإذا تلاحظ جيدا فان هذه الشجاعة التي عنده وغلبه هوى نفسه أعلى مرتبة من شجاعته البدنية، قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" أشجع الناس من غلب هواه " (1).
* حكاية:
نقل الشيخ المرحوم في خاتمة المستدرك في ترجمة سلطان العلماء والمحققين وأفضل الحكماء والمتكلمين، والوزير الأعظم، أستاذ من تأخر وتقدم، ذي الفيض القدسي، حضرة الخواجة نصير الدين الطوسي (قدس سره):
ان ورقة حضرت إليه من شخص، من جملة ما فيها: يا كلب ابن الكلب.
(فكان الجواب أما قوله: يا كذا، فليس بصحيح لأن الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح، طويل الأظفار.
وأما أنا فمنتصب القامة، بادي البشرة، عريض الأظفار، ناطق، ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص) (2).
وبهذا النحو أجاب ورقته، وأرداه في غياهب جب مهانته.
يقول المؤلف: ان هذا الخلق الشريف من المحقق الجليل ليس ببدع ممن قال في حقه آية الله العلامة الحلي رضوان الله عليه:
(وكان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقلية والنقلية، وله مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعية على مذهب الإمامية وكان أشرف