الفاجر. فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم، وسأل عن العمري، فذكر انه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه، فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطئ زرعنا.
فتوطاه (عليه السلام) بالحمار حتى وصل إليه، ونزل، وجلس عنده، وباسطه وضاحكه وقال له: " كم غرمت على زرعك هذا؟
قال: مائة دينار.
قال: فكم ترجو أن تصيب؟
قال: لست أعلم الغيب.
قال له: انما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه؟
قال: أرجو أن يجئ مائتا دينار.
قال: فاخرج له أبو الحسن (عليه السلام) صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو.
قال: فقام العمري فقبل رأسه، وسأله أن يصفح عن فارطه.
فتبسم إليه أبو الحسن، وانصرف.
قال: وراح إلى المسجد، فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه، قال " الله اعلم حيث يجعل رسالته ".
قال: فوثب أصحابه إليه، فقالوا له: ما قضيتك قد كنت تقول غير هذا؟!
قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن.
وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام) فخاصموه وخاصمهم، فلما رجع أبو الحسن إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري: أيما كان خيرا، ما أردتم، أم ما أردت؟! انني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت به شره " (1).