وحسبك انه لم يدون لاحد من فصحاء الصحابة عشر مما دون له، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في مدحه في كتاب البيان والتبين "، وفي غيره من كتبه.
وأما سماحة الأخلاق، وبشرى الوجه وطلاقته، والتبسم، فهو المضروب به المثل.
قال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحاب: كان فينا كأحدنا، لين.
جانب، وشدة تواضع، وكنا نهاب منه مهابة الأسير من السياف الواقف (1) على رأسه (2).
وأما الزهد في الدنيا، فهو سيد الزهاد، ما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا.
قال عبد الله بن أبي رافع: دخلت إليه يوم العيد فقدم جرابا مختوما فيه خبز شعير يابس مرضوض فأكل.
فقلت: فكيف تختمه؟.
قال: خفت هذين الولدين أن يليناه بسمن أو زيت.
وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة، وبليف أخرى، وكان نعلاه من ليف ويلبس الكرباس (3) الغليظ فإذا وجد كمه طويلا قطعه. وأدامه خل أو ملح، فان ترقى عن ذلك فببعض نبات الأرض، فان ارتفع عن ذلك فبقليل من ألبان الإبل، ولا يأكل اللحم إلا قليلا، ويقول: لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان.
وهو الذي طلق الدنيا وكانت الأموال تجئ إليه من جميع بلاد الاسلام إلا من