أما معنى الملة: فهو ما يجعله الله وينسب إلى أحد الأنبياء، فلا يقال ملة الله بل ملة إبراهيم أو ملة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعرفوا الملة بأنها: «هي الطريقة التي يدعو النبي بها إلى الله» ووردت في القرآن بمعنى الدين، قال تعالى: ﴿ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة﴾ (١) أي تدين النصارى بالتثليث، وقال تعالى: ﴿ملة أبيكم إبراهيم﴾ (2)، وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «بعثت على الملة السمحة السهلة» فتكون الملة والدين مترادفين، والظاهر أنهما ليسا مترادفين وإنما بينهما عموم مطلق، لأن الملة منسوبة غالبا إلى نبي، والدين منسوب إلى الله، وقد يكون هذا هو التغاير الجزئي الذي يفرق بين هذين الكليين.
والمذهب ينسب إلى الإمام، وهو ما يلهم به من قبل الله ويعلمه إياه الرسول، ومن هنا فرق البعض بين أصول الدين وأصول المذهب، ومنه أيضا سمي المذهب الشيعي بالمذهب الجعفري، وهذا لا يعني - والعياذ بالله - أن يكون بينه وبين دين الله وملة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرق ولو بمقدار ذرة، حاشا، فهذه النسبة نتجت من انتشار الأخبار وذيوع الأحكام النبوية في عهد جعفر بن محمد (عليه السلام) عن طريق بيانات هذا الإمام الصادق بشكل واسع لم تكن انتشرت مثله في الأزمنة السابقة.
وللشريعة معان عديدة، منها الفتح والخضوع والظهور والوضوح والدين والطريق والمورد الذي يؤخذ منه الماء، وجميع هذه المعاني تناسب المقصود، فالطريق المستقيم الواضح إنما هو الإطاعة والخضوع لهذه الطريقة عملا واعتقادا مما يلتزمه أهل الشرع والواضع لها الله تبارك وتعالى.