العادلين، ومهبط القرآن المبين، ومسجد العابدين، وأم النبيين، والحسنات فيها مضاعفة، والسيئات بآلامها ممجوجة، ومع عسرها يسران والله تعالى ضمن أرزاق أهلها، وأقسم في كتابه بما فيها، ورب طيبة من نعيمها قد حمد الله عليها فتلقتها أيدي الكتبة وحبب بها الجنة، ورب مال من زينتها وجه إلى معروفها، فكان جوازا على الصراط، وكم نائبة من نوائبها وحادثة من حوادثها قد نبهت الفطنة، وأزكت القريحة، وأفادت فضيلة الصبر وكثرت ذخائر الأجر.
وقال محمد بن حامد الخوارزمي في هذا الباب بعبارة مختصرة تذم دنيا إن تأملتها * وجدت منها ثمن الجنة وقال محمود الوراق:
هي الدنيا وزخرفها * ولكن ما مصائرها لئن غرت منابرها * فقد وعظت مقابرها وإن غشت مواردها * فقد نصحت مصادرها وقال بديع الزمان الهمداني:
يقولون الزمان به فساد * لقد فسدوا وما فسد الزمان ويبدو أن أبناء كل زمان يشكون وضعهم ولا تجد فيهم شاكرا.
تولى زمان لعبنا به * وهذا زمان بنا يلعب وقال آخر:
هذا الزمان الذي كنا نحذره * منها يحدث عن كعب ومسعود إن دام هذا ولم يحدث به غير * لم يبك ميت ولم يفرح بمولود