طالب حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي» (1). ولنعم ما قال عبد المطلب:
يعيب الناس كلهم زمانا * وما لزماننا عيب سوانا يعيب زماننا والعيب فينا * ولو نطق الزمان بنا هجانا * * * وكما ترى فإن الزمان لا يوبخ، وإنما يوبخ أهل الزمان، والدنيا مذمومة باعتبار ذم أهلها، وباعتبار حب أهل الدنيا للدنيا، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذكر الدنيا: «دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، هي مسجد أحباء الله ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها ونادت بفراقها ونعت نفسها وأهلها وشوقتهم بسرورها الفاني إلى السرور الباقي، وحذرت ببلائها الماضي البلاء الغابر التالي ترغيبا وترهيبا، فيا أيها الذام المغتر بتغريرها، المتخدع لأباطيلها متى غرتك؟ أبمصارع آبائك للبلى أم بمضاجع امهاتك تحت الثرى» (2).
وقال ابن المعتز: الدنيا دار التأديب والتعريف، ومضمار التهذيب التي بمكروهها يوصل إلى محبوب الآخرة، وميدان الأعمال السائقة بأصحابها إلى الجنان ودرجة الفوز، التي يرقى فيها المتقرب إلى دار الخلد والرضوان، وهي الواعظة لمن عقل، والناصحة لمن قبل، وبساط المهل ورباط العمل، وقاصمة الجبارين، وملحفة الرغم بمعاطس المتكبرين، وكاسية التراب أبدان المختالين، وصارعة المغترين، ومفرقة أموال الباخلين، وقاتلة القتالين، والعادلة بالموت على