كان على شريعة الأنبياء الآخرين، وأنه أمر بهذه الشريعة بعد مرور أربعين سنة من عمره المبارك.
والمراد من الآية السابقة ﴿واتبع ملة إبراهيم حنيفا﴾ (1) الإتباع في بعض النوافل والأعمال المباحة والأحكام الجزئية التي ذكرها العلماء الأعلام مفصلا في كتب التفاسير والأحاديث، وذكروا آرائهم فيها.
أما إيمان الرجال والنساء في ذلك الزمان بالأصول والفروع في الشريعة الإبراهيمية واعتقادهم بدعوة موسى وعيسى (عليهما السلام)، والبقاء على الحنيفية - فهو في الحقيقة - إيمان بنبينا; لأن من عقائد الأنبياء السالفين الإيمان بوجود خاتم المرسلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (عليهم السلام)، والاعتقاد بخاتميته ونسخه لتمام الشرائع السابقة لأولي العزم، والأصل الأصيل في اعتقادهم الإقرار بوحدانية الحق تعالى، ونبوة صاحب تلك الدعوة، والتصديق بما جاء من عند الله تعالى.
فهؤلاء النسوة كن على الحنيفية ملة إبراهيم، وكن حسب الفطرة الذاتية مجبولات على التوحيد، وكن ينتظرن النبي الموعود الذي أخبر عنه الأنبياء بالأوصاف الخاصة، فلما تشرفن بخدمته آمن به على أنه ذاك النبي المعهود الذي يقود الناس إلى الوحدانية، ويقيمهم على هذا المنهج القويم، فيعرفنه بالصفة ثم يؤمن بنبوته وبالإله الواحد الذي يدعو له، وأن الذي جاء به من عند الله حق وصدق.
نعم; لا يلزم أن يؤمن بالتفاصيل الجزئية كاملة، ولا أن يعرفن تمام الآداب والأحكام مفصلة، ولا مناص من العمل وفق الشريعة الإبراهيمية في الصلاة والصيام والحج وما شاكل.