تأمين فيه تحسين قد يسأل السائل فيقول: ماذا يعني قولكم أن السيدة آمنة والسيدة حليمة كانتا مؤمنتين منذ الولادة، أي قبل البعثة وقبل ظهور دعوة الإسلام؟ فبأي شيء آمنتا والنبي بعد لم يبعث؟ ولم يأت بأحكام وشريعة، ولم ينزل عليه جبرائيل بعد؟
وماذا يعني قول الفريقين من المؤمنين والمسلمين: إن آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمهاته لابد أن يموتوا على المذهب الحق؟!
أولا: ذكر أهل الحديث والخبر أقوالا مختلفة في الشريعة والطريقة التي اتبعها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل البعثة، وكلها ترجع إلى قولين:
أحدهما: إنه كان على الحنيفية شريعة إبراهيم الخليل، وتمسكوا بقوله تعالى: ﴿فاتبع ملة إبراهيم حنيفا﴾ (١) ونظائرها. وأشكلوا على هذا القول بأن اتباع النبي لملة جده الخليل يلزم أن تكون شريعته أشرف وأجل ويكون إبراهيم أشرف من النبي، لأن المتبوع أشرف من التابع!!
والقول الآخر: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤيدا منذ بدو التكليف بروح القدس، وأنه علم أحكام هذه الشريعة الحقة حسب الأمر الإلهي والناموس السماوي، وإليه أشار قوله تعالى: ﴿وما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾ (2) وبعد مرور أربعين سنة أظهرها (صلى الله عليه وآله وسلم) وبلغها للناس تدريجيا حسب مقتضيات الحكمة والحاجة إلى البيان من صلاة وصيام، وزكاة وخمس وحج وجهاد، وكانت نفسه