عبدوا الله من بعده على فطرة التوحيد.
وكذلك قوله تعالى ﴿وجعلها كلمة باقية﴾ (1) والكلمة الباقية كما قال المعصوم هي التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله التي جعلها الله في عقب إبراهيم (2).
وكذلك قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) (3) فكيف يسأل إبراهيم ربه أن يجعل ذريته موحدين ويبعدهم عن الأصنام فلا يستجيب الله دعاءه وهو مستجاب الدعوة (4)؟!
وإجمالا: فإن ما ذكرناه كان تأكيدا للمطالب السالفة.
فبعد أن انتقل النور النبوي إلى الصلب المطهر المقدس لعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وتفويض السيادة إليه وإناطة زعامة قريش به، ظهرت فيه الصفات الحميدة، وبان عليه تخلقه بالأخلاق الكريمة التي لا تتصور إلا في الإنسان الكامل والنبي المرسل والمؤمن الممتحن، وكان يصعد في شهر رمضان إلى جبل حراء، ويدعو مساكين مكة للطعام، وكان يطعم فضل طعامه للوحوش والطيور.
وكان إذا حضر الموسم دعا بإبله تنحلب ويصب لبنها في أحواض تخلط بالعسل ويسقى منها الحاج، وكان يشتري النبيذ ويلقيه في زمزم ليغير طعمه ويسقي منه الحاج، ولذا عد الأئمة الأطهار منصب السقاية منصبا عظيما.
وكان يدعى عبد المطلب بالفياض، مطعم السباع، وأبو البطحاء; لكثرة