سبيل الله الذي هو أعلى درجة، ومن فاته ذلك منهم مات بالحمى التي هي حظ المؤمن من النار، كل يوم منها يكفر سنة.
واستمر ذلك بالمدينة بعده صلى الله عليه وسلم تحقيقا لإجابة دعائه صلى الله عليه وسلم. نعم شاركتها في ذلك مكة المشرفة فلم يدخها الطاعون فيما مضى من الزمان كما يرويه ابن قتيبية في المعارف، ونقله جماعة من العلماء عنه وأقروه إلى زمان الإمام النووي رحمه الله. ذكر ذلك في كتاب الأذكار وغيره، لكن قد قيل أنه دخلها بعد ذلك في الطاعون العام الذي وقع في سنة تسع وسبعين وسبعمائة، صرح بذلك غير واحد من أهل ذلك الزمان.
الثاني: منع الطاعون عن المدينة معجزة عظيمة لأن الأطباء من أولهم إلى آخرهم عجزوا أن يدفعوا الطاعون عن بلد من البلاد بل عن قرية من القرى وقد امتنع الطاعون، عن المدينة بدعائه صلى الله عليه وسلم هذه المدة الطويلة.
الثالث: ظاهر الأحاديث أن الدجال يدخل جميع البلاد، وبذلك قال الجمهور، وشذ ابن حزم فقال: " المراد أن يدخله بغتة هو وجنوده. وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد لقصر مدته، وغفل عما ثبت في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
" الأنقاب ": بالقاف جمع نقب بفتح النون والقاف بعدها موحدة، والنقاب بالكسر جمع نقب بالسكون وهما بمعنى والمراد الطريق في الجبل وغيره.
" السبخة ": بفتح السين المهملة والباء الموحدة والخاء المعجمة: موضع بالمدينة بين موضع الخندق وبين جبل سلع.
" ترجف المدينة ": أي يحصل بها زلزلة بعد أخرى ثم ثالثة حتى يخرج منها من ليس مخلصا في إيمانه، ويبقى بها الدين الخالص فلا يسلط عليها الدجال، ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكر: " لا يدخل المدينة رعب الدجال " لأن المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره، والخوف من عتوة، لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص.
" صلتا ": أي مجردا من غمده.
" المخصرة ": بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة، وهي العصا أو نحوها، يأخذها الرجل بيده.
" يوشك ": أي يقرب.