وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) (1)، رواه الشيخان. وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة)، - حديث متفق عليه - وعن عبد الله بن الفضل بن العباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أدعوك لأهل المدينة بمثل مكة)، قال عبد الله: إنا لنتعرف ذلك، إنا يجزئ المد عندنا والصاع بمثلي ما يجزئ بمكة، رواه البخاري في تاريخه. وروى الزبير بن بكار عن إسماعيل بن النعمان قال: (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنم كانت ترعى بالمدينة فقال: (اللهم اجعل نصف أكراشها مثل ميلها بغيرها من البلاد).
وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعا لأهل مكة بالبركة وأنا محمد عبدك ورسولك وأنا أدعو لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثلما باركت لأهل مكة واجعل مع البركة بركتين) (2)، رواه الترمذي وصححه والطبراني برجال الصحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله - زاد الطبراني: وضعه على عينيه - قال: (اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه). قال ثم يدعو أصغر وليد فيعطيه ذلك الثمر (3). رواه مسلم والترمذي والطبراني.
تنبيهات الأول: اقتضى هذا الحديث تكرير الدعاء بتكرير ظهور الثمرة والاتيان بأولها.
الثاني: تكرير دعائه صلى الله عليه وسلم بتحبيبه المدينة، والظاهر أن الإجابة حصلت بالأول والتكرير لطلب المزيد.
الثالث: الوباء عموم الأمراض، وهو أعم من الطاعون، ولا يعارض قدومهم المدينة - وهي وبيئة - نهيه صلى الله عليه وسلم عن القدوم على الطاعون، لان ذلك كان قبل النهي، أو أن النهي يختص بالطاعون ونحوه من الموت الذريع، لا المرض ولو عم.
الرابع: هذه البركة المذكورة في الحديث في أمر الدين والدنيا، لأنها النماء والزيادة،