ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).
وروى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في مغازيه، عن أبيه، وأبو نعيم عن عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بعكاظ فقال: من القوم؟ قلنا: من بني عامر بن صعصعة بنو كعب بن ربيعة؟ فقال: إني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بعكاظ فقال: من القوم؟ قلنا: من بني عامر بن صعصعة بنو كعب بن ربيعة؟ فقال: إني رسول الله إليكم أتيتكم لتمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي ولا أكره أحدا منكم على شئ.
قالوا: لا نؤمن بك وسنمنعك حتى تبلغ رسالات ربك.
فأتاهم بيحرة بن فراس القشيري فقال: ما هذا الرجل الذي أراه عندكم أنكره؟ قالوا:
هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال: فما لكم وله؟ قالوا: زعم أنه رسول الله فطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه. قال: ما رددتم عليه؟ قالوا: بالرحب والسعة نخرجك إلى بلادنا ونمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فقال بيحرة: ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشئ أشر من شئ ترجعون به! أتعمدون إلى رهيق قوم طردوه وكذبوه فتؤوه وتنصروه تنابذوا العرب عن قوس واحدة، قومه أعلم به فبئس الرأي رأيكم. ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
قم فالحق بقومك فوالله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ناقته ليركبها فغمز الخبيث بيحرة شاكلتها فقمصت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فألقته. وعند بني عامر يومئذ ضباعة بنت عامر بن حوط كانت من النسوة اللاتي أسلمن بمكة جاءت زائرة إلى بني عمها فقالت: يا لعامر ولا عامر لي، أيصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهركم ولا يمنعه أحد منكم؟
فقام ثلاثة نفر من بني عمها إلى بيحرة واثنين أعاناها فأخذ كل رجل منهم رجلا فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره ثم علوا وجوههم لطما.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم بارك على هؤلاء والعن هؤلاء. فأسلم الثالثة الذين نصروه وقتلوا شهداء، وهم غطيف وغطفان ابنا سهل وعروة أو عزرة بن عبد الله، وهلك الآخرون (2).
فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم موسمهم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك في الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا: جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا فوضع الشيخ يده على رأسه،