عليهم القرآن. فسرنا حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي برجله خطا ثم أمرني أن أجلس فيه وقال لي لا تبرح منه حتى آتيك. ثم انطلق حتى إذا قام فافتتح القرآن فغشيه أسودة كثيرة. وفي رواية فذكر هيئة كأنهم الزط ليس عليهم ثياب، ولا أرى سوأتهم طوالا قليلا، فجئتهم فرأيت الرجال ينحدرون عليه من الجبال، فازدحموا عليه فقال سيد لهم يقال له وردان: أنا أرحلهم عنك.
فقال: إني لن يجيرني من الله أحد. فحالوا بيني وبينه حتى ما أسمع صوته فانطلقوا فطفقوا يتقطعوه مثل السحاب ذاهبين حتى بقي رهط، ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر، فنزل ثم أتاني فقال: أرسلت إلى الجن. فقلت: فما هذه الأصوات التي سمعتها قال: هذه أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي. ما فعل الرهط؟ فقلت: هم أولئك يا رسول الله. فسألوه الزاد فأخذ عظما وروثا فأعطاهم إياهما. فقال: لكم كل عظم عراق ولكم كل روثة خضرة. قالوا: يا رسول الله يقدرهما الناس علينا. قلت: يا رسول الله وما يغني ذلك عنهم؟ فقال: إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت، فلا يتنقين أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة. فلما أصبحت رأيت مبرك ستين بعيرا (1).
قصة أخرى روى ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: هم اثنا عشر ألفا جاءوا من جزيرة الموصل.
وذكر أبو حمزة الثمالي (2) قال: إن هذا الحي من الجن كان يقال لهم بنوا الشيصبان، وكانوا أكثر الجن عددا وأشرفهم وكانوا عامة جند إبليس.
تنبيهات الأول: روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: كانوا تسعة أحدهم زوبعة أتوه في أصل نخلة. وتقدم عنه أنهم كانوا خمسة عشر. وفي رواية أنهم كانوا على ستين راحلة وتقدم أن اسم سيدهم وردان. وتقدم عن عكرمة أنهم كانوا اثني عشر ألفا. ففي هذا الاختلاف دليل على تكرار وفادتهم على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة كما سيأتي بيان ذلك هناك.