مرة كما ذكره أبو عمر. ويأتي بيانها في ترجمته عند ذكر مؤذنيه صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يقول له إذا جاءه: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي! ويبسط له رداءه.
تنبيهات الأول: ما ذكرته عائشة ومجاهد جامع بين الأقوال السابقة في تفسير المبهم.
الثاني: قال الحافظ: لم يختلف السلف في أن فاعل (عبس) النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأغرب الداوودي فقال: هو الكافر.
الثالث: من الغرائب قول القاضي أبي بكر بن العربي: قول علمائنا: إن الرجل المبهم الوليد بن الغيرة وقال آخرون إنه أمية بن خلف والقياس على هذا كله باطل وجهل من المفسرين، وذلك أن أمية والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة وما حضر معهما ولا حضرا معه، وكان موتهما كافرين أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر ولم يقصد قط أمية المدينة ولا حضر عنده مفردا ولا مع أحد كذا نقله عنه تلميذه السهيلي والقرطبي وأقراه.
وهو كلام خرج من القاضي من غير روية لأن ابن أم مكتوم من أهل مكة بلا خلاف، وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين، أسلم قديما وكان من المهاجرين الأولين، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل بل يعده وصححوا الأول، وسورة عبس مكية بلا خلاف، فأي شئ يمنع من اجتماع ابن أم مكتوم والوليد أو أمية؟
ثم القائل لذلك إنما هو الصحابة والتابعون كما تقدم، نقل ذلك عنهم وهو أعلم من غيرهم، ولو كانت سورة عبس نزلت بالمدينة أو أن ابن أم مكتوم أسلم به لصح ما قاله، والحال أن الأمر بخلاف ذلك ولم أر من نبه على ذلك. وعجبت من سكوت صاحب الزهر عن ذلك مع أنه يناقش في أسهل شئ.
الرابع: من الغرائب أيضا قول السهيلي: إن ابن أم مكتوم لم يكن آمن بعد أي حين أنزلت سورة عبس وبسط الكلام على ذلك.
قال في الزهر: ينبغي أن يتثبت في هذا الكلام، فإني لم أر من قاله جزما ولا نقلا من مؤرخ ومفسر، فينظر قول جميعهم فيه: قديم الإسلام يرده.
قال: ثم السهيلي أكد بقوله: استدنيني يا محمد، ولم يقل يا رسول الله. قال مغلطاي، ولفظة (استدنيني يا محمد) لم أرها، فتنظر.
قلت: أما لفظ السيرة التي شرحها السهيلي: فكلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعل يستقرئه القرآن. ولفظ رواية الترمذي وحسنها وصححها ابن حبان عن عائشة: فجعل يقول يا رسول الله أرشدني. الخ ولفظ رواية ابن عباس عند ابن مردويه: فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية من القرآن. قال يا رسول الله علمني ما علمك الله.