توليهم عنك (إن لم يؤمنوا بهذا الحديث) القرآن (أسفا) غيظا وحزنا منك لحرصك على إيمانهم (إنا جعلنا ما على الأرض) من الحيوان والنبات والشجر والأنهار وغير ذلك (زينة لها لنبلوهم) لنختبر الناس ناظرين إلى ذلك (أيهم أحسن عملا) فيه أي أزهد له (وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا) فتاتا (جرزا) يابسا لا ينبت.
ثم استقبل قصة فيما سألوا عنه من شأن الفتية فقال: (أم حسبت أن أصحاب الكهف) الغار في الجبل (والرقيم) اللوح المكتوب فيه أسماؤهم وأنسابهم (كانوا) في قصتهم (من) جملة (آياتنا عجبا) خبر كان وما قبله حال، أي كانوا عجبا دون باقي الآيات وأعجبا؟ ليس الأمر كذلك.
أذكر (أي أوى الفتية إلى الكهف) جمع فتى وهو الشاب الكامل خائفين على إيمانهم من قومهم الكفار (فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه) غيره (إلها، لقد قلنا إذ شططا) أي قولا ذا شطط، أي إفراط في الكفر إن دعونا إلها غير الله فرضا.
(هؤلاء) مبتدأ (قومنا) عطف بيان (اتخذوا من دونه آلهة) الخبر: (لولا) هلا (يأتون عليهم) على عبادتهم (بسلطان بين) بحجة ظاهرة (فمن أظلم) أي لا أحد أظلم (ممن افترى على الله كذبا) بنسبة الشريك إليه تعالى إلى آخر القصة.
ثم قال تعالى: (سيقولون) أي المتنازعون (فيهم) في عدد الفتية في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي يقول بعضهم: هم (ثلاثة رابعهم كلبهم) (ويقولون) أي بعضهم: (خمسة سادسهم كلبهم) والقولان لنصارى نجران (رجما بالغيب) أي ظنا في الفتية عنهم، وهو راجع إلى القولين معا ونصبه على المفعول أي لظنهم ذلك. (ويقولون) أي المؤمنون (سبعة وثامنهم كلبهم) الجملة من المبتدأ والخبر صفة سبعة بزيادة الواو، وقيل تأكيد أو دلالة على لصق الصفة بالموصوف، ووصف الأولين بالرجم دون الثالث يدل على أنه مرضي صحيح (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) من الناس. قال ابن عباس: أنا من ذلك القليل. وذكر أنهم سبعة (فلا تمار) تجادل (فيهم إلا مراء ظاهر) بما أنزل إليك. (ولا تستفت) تطلب الفتيا (فيهم منهم) من أهل الكتاب اليهود (أحدا. ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا) أي فيما يستقبل من الزمان (إلا أن يشاء الله) أي إلا ملتبسا بمشيئة الله بأن تقول: إن شاء الله (واذكر ربك) أي مشيئته معلقا بها (إذا نسيت) التعليق بها ويكون ذكرها بعد النسيان كذكرها مع القول. قال الحسن وغيره: ما دام في المجلس. وروى ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في الآية قال: إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت. قال: وهي خاصة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.