نصرته والقيام معه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما ولى ناداه أبو طالب: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشئ أبدا. ثم قال أبو طالب:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا فامضي لأمرك ما عليك غضاضة * وابشر وقر بذاك منك عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصحي * فلقد صدقت وكنت ثم أمينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا (1) قال في الروض: خص رسول الله صلى الله عليه وسلم الشمس باليمين لأنها الآية المبصرة وخص القمر بالشمال لأنه الآية الممحوة، وخص صلى الله عليه وسلم النيرين حين ضرب المثل بهما لأن نورهما محسوس، فالنور الذي جاء به من عند الله تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره) [التوبة 32] فاقتضت بلاغة النبوة لما أرادوه على ترك النور الأعلى أن يقابله بالنور الأدنى وأن يخص أعلى النيرين وهي الآية المبصرة بأشرف اليدين وهي اليمين، بلاغة لا مثلها وحكمة لا يجهل اللبيب فضلها. انتهى.
قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف ديننا ودين آبائك وفرق جماعة من قومك وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل.
قال: والله لبئس ما تسومونني! أتعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله ما لا يكون أبدا، أرأيتم ناقة تحن إلى غير فصيلها؟
فقال المطعم بن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا. فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك أو كما قال: فحقب الأمر وحميت الحرب وتنابذ القوم وبادى بعضهم بعضا.
فقال أبو طالب يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من بني عبد مناف ومن عاداه