فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟
فنزلت: * (تبت يدا أبي لهب) * إلى آخرها (1).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة.
وروى ابن سعد والبيهقي وأبو نعيم عن علي وأبو نعيم عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهم قال: لما نزلت: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا علي اصنع لنا رجل شاة على صاع من طعام. وفي رواية: مد. وأعد لنا عس لبن ثم أجمع بني عبد المطلب.
قال علي: ففعلت، فاجتمعوا له وهو يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، منهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فقدمت إليهم تلك الجفنة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حذية فشقها بأسنانه ثم رمى بها في نواحيها وقال: كلوا باسم الله. فأكل القوم حتى نهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل الواحد ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم. ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا، والله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله. وفي رواية من يأكل المسنة ويشرب العس.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لهد ما سحركم صاحبكم. فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الغد قال يا علي عد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ففعلت ثم جمعتهم إليه فصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنع بالأمس فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني عبد المطلب، والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة. ثم قال: من يؤازرني على ما أنا عليه؟ قال علي:
فقلت: أنا يا رسول الله وإني أحدثهم سنا وسكت القوم. ثم قالوا: يا أبا طالب ألا ترى ابنك.
قال: دعوه فلن يألوا ابن عمه خيرا (2).
تنبيه في بيان غريب ما سبق يبادي: قال في النور: الظاهر أنه بالموحدة أي يجاهر.