محمد: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتكفر باللات والعزى وتبرأ من الأنداد (1).
ففعل علي رضي الله تعالى عنه وأسلم، فمكث علي يأتيه على خوف من أبي طالب وكتم إسلامه ولم يظهره.
قال مجاهد: وكان مما أنعم الله على علي أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الإسالم، لما أراد الله به الخير، وذلك أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعباس عمه: وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق فخفف عنه من عياله فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما (2).
قال ابن هشام: ويقال: عقيلا وطالبا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بعثه الله نبيا فاتبعه وصدقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
قال ابن إسحاق: وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من عمه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلاة فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا، ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا ابن أخي ما هذا الذي تدين به، قال: أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ورسله ودين أبينا إبراهيم - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - بعثني الله به رسولا إلى العباد وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه، أو كما قال. فقال أبو طالب: أي ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك شئ تكرهه ما بقيت (3).
وذكروا أنه قال لعلي: أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: يا أبت آمنت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصدقت بما جاء به وصليت معه، فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.