الوحي. قاله النووي قال: فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن متوقعا للوحي.
قال البلقيني: وفي إطلاق هذا النفي نظر، فإن الوحي كان جاءه في النوم مرارا، واستدل بما رواه ابن إسحاق عن عبيد بن عمير أنه صلى الله عليه وآله وسلم وقع له في النوم نظير ما وقع له في اليقظة من الغط والأمر بالقراءة وغير ذلك. قال الحافظ: ففي كون ذلك يستلزم وقوعه في اليقظة حتى يتوقعه نظر، فالأولى ترك الجزم بأحد الأمرين.
الحق: قال الطيبي: أي الأمر الحق، وهو الوحي أو رسول الحق وهو جبريل. وقال البلقيني: أي الأمر البين الظاهر أو المراد: الملك بالحق، أي الأمر الذي بعث به.
فجاءه الملك: هو جبريل بلا خلاف كما قال البلقيني، واللام فيه لتعريف الماهية لا للعهد، إلا أن يكون المراد به ما عهده صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك، لما كلمه في صباه، أو اللفظ لعائشة وقصدت به ما يعهده من تخاطبه به. قال الإسماعيلي: هي عبارة عما عرف بعد أنه ملك، إنما الذي في الأصل: فجاءه جاء وكان ذلك الجائي ملكا، فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عنه يوم أخبر بحقيقة جنسه، وكان الحامل على ذلك أنه لم يتقدم له معرفة به.
وقال البلقيني: والفاء يحتمل أن تكون سببية أي حتى قضي بمجئ الوحي، فبسبب ذلك جاءه الملك.
قال الحافظ: وهو أقرب من الذي قبله. وقال في مكان آخر هذه الفاء تسمى التفسيرية وليست التعقيبية، لأن مجئ الملك ليس بعد مجئ الوحي حتى يعقب به بل هو نفسه، ولا يلزم من هذا التقدير أن يكون من باب تفسير الشئ بنفسه، بل التفسير عين المفسر به من جهة الإجمال وغيره من جهة التفصيل ض.
فقال (اقرأ): يحتمل أن يكون هذا الأمر لمجرد التنبيه والتيقظ لما سيلقى إليه، وأن يكون على بابه من الطلب، ويحتمل أن صفة الأمر محذوفة محذوفة أي قل: اقرأ، وإن كان الجواب ما أنا بقارئ فعلى ما فهم من ظاهر اللفظ، وكأن السر في حذفها لئلا يتوهم أن لفظ قل من القرآن.
قال أبو شامة: وقع في الصحيحين الأمر بالقراءة من غير ذكر المقروء وفي حديث عبيد بن عمير قال صلى الله عليه وآله وسلم: (فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ). ففي هذه الرواية بيان المقروء، إلا أن الأشبه أن هذا المجئ غير الذي في حديث عائشة، لأن هذا صرح فيه أنه كان فيه مناما وحديث عائشة في اليقظة.