من الإخلاص وهو الصدق وترك الرياء. قال الله تعالى: (بل الله أعبد مخلصا له ديني) قال الأستاذ أبو القاسم القشيري - رحمه الله تعالى -: الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد، أو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين. والفرق بينه وبين الصدق أو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين. والفرق بينه وبين الصدق أنه التنقي عن مطالعة النفس. والإخلاص: التوقي عن ملاحظة الخلق. والمخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب له.
" المدثر ": قال تعالى: (يا أيها المدثر) روى الشيخان عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي: " بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت دثروني دثروني " (1). وفي لفظ:
زملوني زملوني فأنزل الله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر) وهو اسم مشتق من الحالة التي كان عليها حين النزول. والمدثر: المتلفف في الدثار وهو الثياب وأصله المتدثر لأنه من تدثر فقلبت التاء دالا وأدغمت. قال أبو القاسم بن الورد: وإنما نزل: (يا أيها المدثر) عقب قوله " زملوني " لأجل أن هذا التزمل أريد به الدثار من البرد الذي يعتري الروع لأنه كالمحموم مخاطبة بالمعنى المطلوب من تزمل أي يا أيها المزمل المدثر دع هذا الدثار وخذ في الإنذار تأنيبا له من ذلك الروع وتنشيطا على فعل ما أمر به. كما تقول لمن أرسلته في حاجة فتخوف وجلس في بيته: يا أيها المتخوف امض فيما وجهتك. ولو قلت: يا أيها الجالس في بيته لاستقام لكن بدأه بالمعنى الذي من أجله جلس في بيته آنس له وآمن من تخوفه وأبلغ في التنشيط له.
" المدني ": نسبة إلى المدينة الشريفة وسيأتي الكلام عليها في أبواب فضلها.
" مدينة العلم ": روى الترمذي وغيره مرفوعا: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " (2) والصواب الحديث حسن. كما قال الحافظان العلائي وابن حجر، وقد بسط الشيخ الكلام فيه في كتاب " تهذيب الموضوعات ". وفي " النكت ".
" المذكر ": المبلغ الواعظ، اسم فاعل من التذكرة وهي الموعظة والتبليغ. قال تعالى:
(فذكر إنما أنت مذكر) أي ذكر عبادي وعظهم بحجتي وبلغهم رسالاتي.