وروى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة بن هبيرة (1) في قوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا). قال: آمنا من النار.
وما أحسن ما أنشده الحافظ أبو طاهر السلفي (2) رحمه الله تعالى لنفسه بعد دخول البيت زاده الله تعالى تشريفا وتكريما:
أبعد دخول البيت والله ضامن * أيبقى قبيح والخطايا كوامن فحاشا وكلا بل تسامح كلها * ويرجع كل وهو جذلان آمن فائدتان:
الأولى: قال في شفاء الغرام: دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت أربع مرات بعد الهجرة: الأولى يوم الفتح. رواه مسلم (3) عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، الثانية: ثاني الفتح. رواه الإمام أحمد بن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما (4) الثالثة: في عمرة القضية. نقله المحب الطبري في القرى عن عروة وسعيد بن المسيب. وفي ذلك نظر لما سيأتي عن عبد الله بن أبي أوفى (5) رضي الله تعالى عنه. الرابعة: في حجة الوداع، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة (6).
الثانية: اتفق الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى على استحباب دخول الكعبة، واستحسن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه كثرة دخولها، وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع وهو حزين فقلت له فقال:
" إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي "، رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه (7). فلا دلالة فيه لعدم الاستحباب، بل