قال السهيلي رحمه الله تعالى: كان سطيح جسدا ملقى لا جوارح له فيما يذكرون. قال وكذلك شق إنما له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة ويروى عن وهب بن منبه - رحمه الله تعالى - أنه قال: قيل لسطيح: أنى لك هذا العلم؟
فقال لي صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم الله تعالى فيه موسى فهو يؤدي إلى من ذلك ما يؤديه.
وولد شق وسطيح في اليوم الذي ماتت فيه طريفة الكاهنة (1)، ودعت بسطيح قبل أن تموت، فأتيت به فتفلت في فيه وأخبرت أنه سيخلفها في علمها وكهانتها، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق. ودعت بشق ففعلت به مثل ما فعلت بسطيح ثم ماتت وعمر سطيح زمانا طويلا حتى أدرك مولد النبي صلى الله عليه وسلم ورأى كسرى أنوشروان.
قلت: روى أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: خلق الله سطيحا لحما على وضم، وكان يحمل على وضمة فيؤتى به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفين. وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوي الثوب، ولم يكن فيه شئ يتحرك إلا لسانه.
الوضم بفتحتين: كل شئ يحمل عليه اللحم من خشب أو بارية.
وروى ابن عساكر: بلغني أن سطيحا ولد في أيام سيل العرم وتوفي في العام الذي ولد فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدوه وبغوا وأنكروا (2).
وروى ابن سعد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن أبي بن كعب - رضي الله تعالى عنه - قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بقناة بعث إلى أخبار يهود فقال: إني مخرب هذا البلد. فقال له سامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا البلد يكون إليه مهاجر نبي من نبي إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد، وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتلى والجراح أمر يكثر في أصحابه وفي عدوهم.
قال تبع: ومن يقاتله يومئذ؟ قال: يسير إليه قومه فيقتتلون ها هنا. قال: فأين قبره؟ قال:
بهذا البلد. قال: فإذا قوتل لمن تكون الدبرة؟ قال: تكون مرة له ومرة عليه، وبهذا الذي أنت به