وعيونا، ثم أرسلت داعيا يدعو إليها فلا الداعي أجابوا ولا فيما رغبته رغبوا ولا إلى ما شوقب اشتاقوا، أقبلوا على جيفة يأكلون ولا يشبعون (1) افتضحوا بأكلها واصطلحوا على حبها وأعمت أبصار صالحي زمانها في قلوب فقهائهم من عشقها أغشى حبها بصره وأمرض قلبه وأماتت لبه (2) فهو عبد لها وعبد لمن في يده شئ منها، حيثما زالت الدنيا زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها، لا ينزجر من الله بزاجر ولا يتعظ بموعظة.
فسبحان الله كيف إذا فجأهم الأمور ونزل به المقدور وفارقوا الديار وصاروا إلى القبور وخسروا دار [أ] بانت لهم بها دواهي الأمور فعلم كل عبد منهم أنه كان مغرورا مخدوعا (3) [ف] اجتمعت عليهم خلتان: سكرة الموت وحسرة الفوت فاغبرت لها وجوههم وتغيرت لها ألوانهم وفترت لها أطرافهم (4) وحركوا لمخرج أو رواحهم أيديهم وعرقت لها جباههم ثم ازداد الموت فيهم فحيل بينهم وبين منطقهم وإنهم ليديرون أبصارهم في أهليهم (5) بنظر يبصرونه وسمع يسمعونه على صحة من عقولهم قد منعوا من الكلام وغابت منهم الأحلام / 56 / أ / وقد أجالوا الأفكار فيما أفنوه من الأعمار وتحسروا على أموال جمعوها، (6) وحقوق منعوها [وقد] أغمضوا في طلبها فلزمهم وبالها حين أشرفوا على فراقها، وخلفوها لوراثها فكان المهنأ لغيرهم (7) وحسابها عليهم قد علقت [بها]