الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٧٣
ومن كتاب المناقب لأبي المعالي (1) الفقيه المالكي روى خبرا يرفعه إلى علي بن الحسين (2) رضى الله عنهما أنه قال: كنا عند الحسين (رضي الله عنه) في بعض الأيام وإذا بنسوة مجتمعين فأقبلت امرأة منهن علينا فقلت لها: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا زيدة (3) ابنة العجلان من بني ساعدة، فقلت لها: هل عندك من شيء تحدثينا به؟ قالت: إي والله حدثتني أم عمارة بنت عبادة بن فضلة بن مالك بن عجلان (4) الساعدي أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا، فقلت له: ما شأنك؟ قال: إن فاطمة بنت أسد في شدة من الطلق. ثم أنه أخذ بيدها وجاء بها إلى الكعبة فدخل بها، وقال: اجلسي على اسم الله، فطلقت طلقة واحدة فولدت غلاما نظيفا منظفا لم أر أحسن وجها منه، فسماه أبو طالب عليا وقال شعرا:
سميته بعلي كي يدوم له * عز العلو وفخر (5) العز أدومه (6)

(١) في بعض النسخ لابن المغازلي.
(٢) ستأتي ترجمته في الفصل الرابع إن شاء الله.
(٣) وفي (ب): زبدة.
(٤) في (ج): بن مالك العجلاني.
(٥) في (د): وخير.
(٦) انظر فتح الميبدي، بهج الصباغة للتستري: ١ / ٥٢. ونقل صاحب كفاية الطالب: ٢٦٠ وصاحب الإحقاق: ٧ / ٤٨٨ شعرا لأبي طالب في ولادة الإمام علي (عليه السلام) وهو يقول: أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عزوجل فلما أصبح دخل الكعبة وهو يقول:
يا رب هذا الغسق الدجي * والقمر (الفلق) المبلج المضي بين لنا [عن] أمرك الخفي (المقضي) * ماذا ترى في اسم ذا الصبي أي بما نسمي ذلك الصبي. (انظر مودة القربى: ٢٥).
قال فسمع صوت هاتف يقول:
خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المنتجب الرضي يا أهل بيت المصطفى النبي * خصصتم بالولد الزكي إن اسمه من شامخ العلي * علي اشتق من العلي وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) في ولادة علي (عليه السلام) كما نقله لنا الحافظ الكنجي الشافعي عن جابر بن عبد الله، قال:
سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ميلاد علي بن أبي طالب. فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (عليه السلام)، إن الله تبارك وتعالى خلق عليا من نوري وخلقني من نوره وكلانا من نور واحد. (كفاية الطالب: ٢٦٠).
وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في ولادته (عليه السلام) كما في الكافي: ١ / ٤٥٢: إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال أبو طالب: اصبري سبتا [دهرا] أبشرك بمثله إلا النبوة وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة. (انظر مرآة العقول: ٥ / ٢٧٧) والسبت: الدهر.
وروى الحافظ القندوزي: ٢٥٥ عن عباس بن عبد المطلب قال: لما ولدت فاطمة بنت أسد عليا سمته باسم أبيها أسد، ولم يرض أبو طالب بهذا الاسم فقال: هلم حتى نعلوا أبا قبيس ليلا، وندعوا خالق الخضراء فلعله أن ينبئنا في اسمه، فلما أمسيا خرجا وصعدا أبا قبيس ودعيا الله تعالى، فأنشأ أبو طالب شعرا:
يا رب هذا الغسق الدجى... إلخ.
فإذا خشخشة من السماء فرفع أبو طالب طرفه فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر فأخذه بكلتا يديه وضمه إلى صدره ضما شديدا فإذا مكتوب: خصصتما بالولد الزكي فسر أبو طالب سرورا عظيما، وخر ساجدا لله تبارك و تعالى وعق بعشرة من الإبل وكان اللوح معلقا في البيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش حتى غاب زمان قتال الحجاج بن الزبير.
فقصة ولادته (عليه السلام) في جوف الكعبة المكرمة أمر مشهور بين الأمة حتى ألف الشيخ الأوردبادي في هذا الموضوع كتابا فخما كما يذكر الشيخ الأميني في كتابه الغدير: ٦ / ٢٧.
وروي عن سعيد بن جبير قال: يزيد بن قعيب: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة اشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: يا رب، إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي. قال يزيد بن قعيب: فرأيت البيت قد انشق عن ظهره.
ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله والتزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك من أمر لله عزوجل ثم خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم قالت: إني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عزوجل سرا... وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها [أوراقها] فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سميه عليا، فهو علي والله العلي الأعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي.... الحديث طويل. (راجع كشف الغمة باب المناقب: ١ / ٨٢، والبحار: ٣٥ / ٨ و ١٧، المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 174).
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 175 177 178 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649