وتنقصه فرعون - لعنه الله - بكونه لا أساور في يديه، ولا زينة عليه! وإنما ذلك من حلية النساء، لا يليق بشهامة الرجال، فكيف بالرسل الذين هم أكمل (1) عقلا، وأتم معرفة، وأعلى همة وأزهد في الدنيا، وأعلم بما أعد الله لأوليائه في الأخرى؟
وقوله: " أو جاء معه الملائكة مقترنين " لا يحتاج الامر إلى ذلك، فإن كان المراد (2) أن تعظمه الملائكة فالملائكة يعظمون ويتواضعون لمن هو دون موسى عليه السلام بكثير، كما جاء في الحديث: " إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع " فيكف يكون تواضعهم وتعظيمهم لموسى الكليم عليه الصلاة والتسليم والتكريم!
وإن كان (3) المراد شهادتهم له بالرسالة فقد أيد من المعجزات بما يدل قطعا لذوي الألباب، ولمن قصد إلى الحق والصواب، ويعمى عما جاء به من البينات والحجج والواضحات من نظر إلى القشور، وترك لب اللباب، وطبع على قلبه رب الأرباب، وختم عليه بما فيه من الشك والارتياب، كما هو حال فرعون القبطي العمي الكذاب.
* * * قال الله تعالى: " فاستخف قومه فأطاعوه " أي استخف عقولهم ودرجهم من حال إلى حال إلى أن صدقوه في دعواه الربوبية، لعنه الله وقبحهم " إنهم كانوا قوما فاسقين * فلما آسفونا " أي أغضبونا " انتقمنا منهم " أي بالغرق والإهانة وسلب العز، والتبدل بالذل وبالعذاب بعد النعمة،