بعثة موسى إنما كان على وجه الإهانة والاذلال، والتقليل لملا بني إسرائيل (1)، لئلا يكون لهم شوكة يمتنعون بها، ويصولون على القبط بسببها وكانت القبط منهم يحذرون، فلم ينفعهم ذلك، ولم يرد عنهم قدر الذي يقول للشئ كن فيكون.
" وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه، إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ". ولهذا يقول الناس على سبيل التهكم: " صار فرعون مذكرا ". وهذا منه، فإن فرعون في زعمه خاف على الناس أن يضلهم موسى عليه السلام!
" وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب " أي عذت بالله ولجأت إليه [واستجرت] (2) بجنابه (3)، من أن يسطو فرعون وغيره علي بسوء. وقوله: " من كل متكبر " أي جبار عنيد لا يرعوي ولا ينتهى، ولا يخاف عذاب الله وعقابه، لأنه لا يعتقد معادا ولا جزاء. ولهذا قال: " من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ".
* * * " وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟ وإن يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب * يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض، فمن