وقال في سورة طه: " فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك، إنك بالوادي المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري * إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى * فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى ".
قال غير واحد من المفسرين من السلف والخلف: لما قصد موسى إلى تلك النار التي رآها فانتهى إليها، وجدها تأجج في شجرة خضراء من العوسج (1)، وكل ما لتلك النار في اضطرام، وكل ما لخضرة [تلك (2)] الشجرة في ازدياد. فوقف متعجبا، وكانت تلك الشجرة في لحف جبل غربي منه عن يمينه، كما قال تعالى: " وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر، وما كنت من الشاهدين " وكان موسى في واد اسمه " طوى " فكان موسى مستقبل القبلة، وتلك الشجرة عن يمينه من ناحية الغرب، فناداه ربه بالواد المقدس طوى، فأمر أولا بخلع نعليه تعظيما وتكريما وتوقيرا لتلك البقعة المباركة، ولا سيما في تلك الليلة المباركة.
وعند أهل الكتاب: أنه وضع يده على وجهه من شدة ذلك النور، مهابة له وخوفا على بصره.
ثم خاطبه تعالى كما يشاء قائلا له: " إني أنا الله رب العالمين " " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري " أي أنا رب العالمين الذي لا إله إلا هو، الذي لا تصلح العبادة وإقامة الصلاة إلا له.