وقد روى ابن جرير من حديث محمد بن إسحاق ومعمر وعقيل، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي، أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها " ذات أنواط " قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. قال: " قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون " * * * والمقصود أن موسى عليه السلام، لما انفصل من بلاد مصر وواجه بلاد بيت المقدس وجد فيها قوما من الجبارين، من الحيثانيين والفزاريين والكنعانيين وغيرهم.
فأمرهم موسى عليه السلام بالدخول عليهم ومقاتلتهم، واجلائهم إياهم عن بيت المقدس، فإن الله كتبه لهم، ووعدهم إياه على لسان إبراهيم الخليل، وموسى الكليم الجليل، فأبوا ونكلوا عن الجهاد، فسلط الله عليهم الخوف، وألقاهم في التيه، يسيرون ويحلون ويرتحلون ويذهبون ويجيئون، في مدة من السنين طويلة هي من العدد أربعون، كما قال الله تعالى: " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم، إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا، وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم، ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين *