" وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ".
كذب فرعون موسى عليه السلام في دعواه أن الله أرسله، وزعم فرعون لقومه ما كذبه وافتراه في قوله [لهم (1)] " ما علمت لكم من إله غيري، فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ". وقال هاهنا: " لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات " أي طرقها ومسالكها " فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا " ويحتمل هذا معنيين: أحدهما وإني لأظنه كاذبا في قوله إن للعالم ربا غيري، والثاني في دعواه أن الله أرسله. والأول أشبه بظاهر حال فرعون، فإنه كان ينكر ظاهرا إثبات الصانع والثاني أقرب إلى اللفظ حيث قال: " فأطلع إلى إله موسى " [أي (1)] فأسأله هل أرسله أم (2) لا؟
" وإني لأظنه كاذبا " أي في دعواه ذلك. وإنما كان مقصود فرعون أن يصد الناس عن تصديق موسى عليه السلام، وأن يحثهم على تكذيبه.
قال الله تعالى: " وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل " وقرئ: " وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ".
قال ابن عباس ومجاهد: يقول: إلا في خسار، أي باطل، لا يحصل له شئ من مقصوده الذي رامه، فإنه لا سبيل للبشر أن يتوصلوا بقواهم إلى نيل السماء أبدا - أعني السماء الدنيا - فكيف بما بعدها من السماوات العلى؟