موسى لئن كشف (1) عنهم هذه ليؤمنن به، وليرسلن معه من هو من حزبه، فكلما رفعت عنهم تلك الآية عادوا إلى شر مما كانوا عليه، وأعرضوا عما جاءهم به من الحق ولم يلتفتوا إليه، فيرسل الله عليهم آية أخرى هي أشد مما كانت قبلها وأقوى، فيقولون ويكذبون (2)، ويعدون ولا يفون: " لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل " فيكشف عنهم ذلك العذاب الوبيل، ثم يعودون إلى جهلهم العريض الطويل.
هذا، والعظيم الحليم القدير، ينظرهم ولا يعجل عليهم، ويؤخرهم ويتقدم بالوعيد إليهم. ثم أخذهم بعد إقامة الحجة عليهم، والاعذار (3) إليهم، أخذ عزيز مقتدر، فجعلهم عبرة ونكالا وسلفا لمن أشبههم من الكافرين، ومثلا لمن اتعظ بهم من عباده المؤمنين.
كما قال تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين، في سورة حم والكتاب المبين: " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين * فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون * وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها، وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون * وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون * فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون * ونادى فرعون في قومه، قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين * فلولا ألقى عليه