ثم ذكر كفرهم بالله وعبادتهم الشمس من دون الله وإضلال الشيطان لهم وصده إياهم عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون، أي يعلم السرائر والظواهر من المحسوسات والمعنويات " الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " أي له العرش العظيم الذي لا أعظم منه في المخلوقات.
فعند ذلك بعث معه سليمان عليه السلام كتابه يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله والإنابة والاذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا قال لهم: " ألا تعلوا علي " أي لا تستكبروا عن طاعتي وامتثال أوامري (2) " وأتوني مسلمين " أي واقدموا علي سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة، فلما جاءها الكتاب مع الطير، ومن ثم اتخذ الناس البطائق، ولكن أين الثريا من الثرى، تلك البطاقة كانت مع طائر سامع مطيع فاهم عالم بما يقول ويقال له. فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية ينتظر [ما يكون من (2)] جوابها عن كتابها، فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دواتها إلى مشورتها " قالت يا أيها الملا إني ألقى إلي كتاب كريم " ثم قرأت عليهم عنوانه أولا " إنه من سليمان " [ثم قرأته (2)] " وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين " ثم شاورتهم (3) في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم وخاطبتهم وهم يسمعون " قالت يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت