والهوان بعد الرفاهية، والنار بعد طيب العيش، عياذا بالله العظيم، وسلطانه القديم [من ذلك (1)].
" فجعلناهم سلفا " أي لمن اتبعهم في الصفات " ومثلا " أي لمن اتعظ بهم وخاف من وبيل مصرعهم، ممن بلغه جلية خبرهم وما كان من أمرهم، كما قال الله تعالى: " فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى، وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون * وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين * واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم، فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين " (2).
يخبر تعالى أنهم لما استكبروا عن اتباع الحق، وادعى ملكهم الباطل ووافقوه عليه وأطاعوه فيه، اشتد غضب الرب القدير العزيز، الذي لا يغالب ولا يمانع عليهم، فانتقم منهم أشد الانتقام، وأغرقه هو وجنوده في صبيحة واحدة فلم يفلت منهم أحد، ولم يبق منهم ديار، بل كل قد غرق فدخل النار، وأتبعوا في هذه الدار لعنة بين العالمين، ويوم القيامة بئس الرفد المرفود، ويوم القيامة هم من المقبوحين.