مرة عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة: أن فرعون رأى في منامه، كأن نارا [قد (1)] أقبلت من نحو بيت المقدس، فأحرقت دور مصر وجميع القبط ولم تضر بني إسرائيل. فلما استيقظ هاله ذلك، فجمع الكهنة والحذقة والسحرة. وسألهم عن ذلك، فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء، يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه، فلهذا أمر بقتل الغلمان وترك النسوان.
ولهذا قال الله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض " وهم بنو إسرائيل، " ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " أي الذين يئول ملك مصر وبلادها إليهم. " ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " أي سنجعل الضعيف قويا والمقهور قاهر والذليل عزيزا. وقد جرى هذا كله لبني إسرائيل، كما قال تعالى " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها، وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا. " الآية.
وقال تعالى: " فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل " (2) وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء الله.
* * * والمقصود أن فرعون احترز كل الاحتراز أن لا يوجد موسى، حتى جعل رجالا وقوابل يدورون على الحبالى، ويعلمون ميقات وضعهن، فلا تلد امرأة ذكرا إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته.