أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين * فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين * فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ".
يذكر تعالى إرساله عبده الكليم [الكريم (1)] إلى فرعون الخسيس اللئيم، وأنه تعالى أيد رسوله بآيات بينات واضحات، تستحق أن تقابل بالتعظيم والتصديق، وأن يرتدعوا عماهم فيه من الكفر ويرجعوا إلى الحق والصراط المستقيم، فإذا هم منها يضحكون وبها يستهزئون، وعن سبيل الله يصدون وعن الحق ينصرفون (2). فأرسل الله عليهم الآيات تترى يتبع بعضها بعضا، وكل آية أكبر من التي تتلوها، لان التوكيد أبلغ مما قبله.
" وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون * وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون " لم يكن لفظ الساحر في زمنهم نقصا ولا عيبا، لان علماءهم في ذلك الوقت هم السحرة، ولهذا خاطبوه به في حال احتياجهم إليه، وضراعتهم لديه، قال الله تعالى: " فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ".
[ثم (1)] خبر تعالى عن تبجح فرعون بملكه، وعظمة بلده وحسنها، وتخرق الأنهار فيها، وهي الخلجانات التي يكسرونها أيام (3) زيادة النيل ثم تبجح بنفسه وحليته، وأخذ يتنقص رسول الله موسى عليه السلام، ويزدريه بكونه " لا يكاد يبين " يعني كلامه، بسبب ما كان في لسانه من [بقية تلك (1)] اللثغة، التي هي شرف له وكمال وجمال، ولم تكن مانعة له أن كلمه الله تعالى وأوحى إليه، وأنزل بعد ذلك التوراة عليه.