ولما ذكر إحياء الأرض بالمطر، واهتزازها بإخراج نباتها فيه نبه به على المعاد فقال: " منها " أي من الأرض " خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " كما قال تعالى: " كما بدأكم تعودون " وقال تعالى:
" وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه، وله المثل الاعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (1) ".
* * * ثم قال تعالى: " ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى * قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله، فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى * قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى " (2).
يخبر تعالى عن شقاء فرعون وكثرة جهله وقلة عقله، في تكذيبه بآيات الله واستكباره عن اتباعها، وقوله لموسى إن هذا الذي جئت به سحر، ونحن نعارضك بمثله. ثم طلب من موسى أن يواعده إلى وقت معلوم ومكان معلوم.
وكان هذا من أكبر مقاصد موسى عليه السلام: أن يظهر آيات الله وحججه وبراهينه جهرة بحضرة الناس. [ولهذا (3)] " قال: موعدكم يوم الزينة " وكان يوم عيد من أعيادهم ومجتمع لهم " وأن يحشر الناس ضحى " أي من أول النهار في وقت اشتداد ضياء الشمس، فيكون الحق أظهر وأجلى، ولم يطلب أن يكون ذلك ليلا في ظلام، كيما يروج عليهم محالا