أن قال لمن استخفهم فأطاعوه، وعلى باطله تابعوه (1): انظروا كيف انحسر [البحر (2)] لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي، الخارجين على (3) طاعتي وبلدي؟ وجعل يورى في نفسه أن يذهب خلفهم، ويرجو أن ينجو وهيهات، ويقدم تارة ويحجم تارات!
فذكروا أن جبريل عليه السلام تبدى في صورة فارس راكب على رمكة حائل (4) فمر بين يدي فحل فرعون لعنه الله، فحمحم إليها وأقبل عليها، وأسرع جبريل بين يديه فاقتحم البحر، واستبق الجواد وقد أجاد، فبادر مسرعا، هذا وفرعون لا يملك من نفسه ضرا ولا نفعا، فلما رأته الجنود قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين، فحصلوا في البحر أجمعين أكتعين أبصعين، حتى هم أولهم بالخروج منه، فعند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب بعصاه البحر. فضربه فارتطم عليهم البحر كما كان، فلم ينج منهم إنسان.
قال الله تعالى: " وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم. " أي في إنجائه أولياءه فلم يغرق منهم أحد، وإغراقه أعداءه فلم يخلص منهم أحد، آية عظيمة، وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة، وصدق رسوله فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة، والمناهج المستقيمة.
وقال تعالى: " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده